- محاضرات خارجية
- /
- ٠24ندوات مختلفة - الجزائر
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات .
الحاجة العليا والأساسية في الإنسان هي طلب العلم :
أيها الأخوة الأكارم ؛ أيتها الأخوات الفضليات ؛ من عادتي أنني أدعى للقاءات كثيرة إلا أن الذين حولي أبلغتهم أن أية دعوة للجامعة تلبى فوراً ومن دون الرجوع إلي ، لأنني عملت في الجامعة ثلاثين عاماً ، وأنا أتفاعل مع الشباب الذين هم في الأصل قادة المستقبل والأمة بجامعاتها وبعلمائها ، على كلّ خير ما البلاد جوامعها وجامعاتها ، الجوامع جمع جامع مذكر ، والجامعات جمع جامعة مؤنث ، والرجال قوامون على النساء .
لذلك كلام الإمام الشافعي : إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، إلا أن العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً ، الشيء الأخطر : ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظنّ أنه قد علم فقد جهل ، وطالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً ، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً ، ذلك أننا في الصغر تعلمنا من مسلمات العلوم أن الكون جماد ، نبات ، حيوان ، إنسان ، أليس كذلك ؟ هذا الجماد كائن يشغل حيزاً ، وله وزن ، وله أبعادٌ ثلاثة ، طول وعرض وارتفاع ، بينما النبات كائنٌ له وزن ويشغل حيزاً ، وله أبعادٌ ثلاثة ، إلا أنه ينمو ، هذه أول خصيصة ، بينما الحيوان كائن يشغل حيزاً في الفراغ ، وله أبعادٌ ثلاثة ، وينمو كالنبات ، إلا أنه يتحرك ، أما الإنسان فكائنٌ يشغل حيزاً في الفراغ ، وله أبعادٌ ثلاثة ، وينمو ، ويتحرك كبقية المخلوقات إلا أنه يفكر ، أودع فيه قوةٌ إدراكية ، هذه القوة الإدراكية تلبى بطلب العلم ، فالحاجة العليا في الإنسان - هناك حاجات دنيا ، أن يأكل ، وأن يشرب ، وأن يقترب من الجنس الآخر ، وأن ينجب أولاداً - طلب العلم ، وفي اللحظة التي يعزف فيها الإنسان عن طلب العلم ، هبط عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به ، وسأسمعكم من خلال القرآن الكريم ما مكانة هذا الذي عزف عن طلب العلم ، قال تعالى :
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
***
﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾
﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾
بل أقصى هذه الأوصاف :
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾
إذاً لا بد من طلب العلم ولو في لحظة دقيقة جداً مأخوذة من أهل النار ، أهل النار وهم في النار ما المشكلة الأولى التي ساقتهم إلى النار ؟
﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾
هل هناك أوضح من هذا ؟ فالحاجة العليا والأولى والأساسية أن تبحث عن الحقيقة لأنك إنسان ، أنت المخلوق الأول عند الله ، المخلوق الأول رتبة ، قال تعالى :
﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾
حرص كلّ إنسان على كمال وجوده و سلامة وجوده و استمرار وجوده :
هناك سؤال دقيق : أيعقل يا رب أن يعلم الإنسان القرآن قبل أن يخلق ؟ لأنه قد جاء تعليم القرآن قبل خلق الإنسان ، أجاب العلماء : إن هذا الترتيب ترتيب رتبي ، وليس ترتيباً زمنياً ، بمعنى أن وجود الإنسان لا معنى له من منهج يسير عليه ، فلذلك ما لم نبحث عن الحقيقة ، ما لم نبحث عن تعليمات الصانع ، لأنك أيها الإنسان أعقد آلة في الكون ، وهذا التعقيد تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز ، ولهذه الآلة بالغة التعقيد صانع عظيم ، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، انطلاقاً من حرصك اللامحدود على سلامة وجودك ، وكمال وجودك ، واستمرار وجودك ، الآن على سطح الأرض سبعة مليارات ومئتا مليون إنسان، أنا أجزم يقيناً أنه ما من واحد من هؤلاء على اختلاف مللهم ، ونحلهم ، وانتماءاتهم ، وأعراقهم ، وأنسابهم ، وطوائفهم ، أي شيء تكلم ما شئت ، هناك خصائص واحدة في كل البشر ، أولى هذه الخصائص أن كل إنسان حريص على سلامة وجوده ، من يحب المرض العضال ؟ من يحب القهر ؟ من يحب السجن ؟ من يحب التعذيب ؟ حريص على سلامة وجوده ، وحريص على كمال وجوده ، من يحب ألا يملك مالاً ينفقه على أهله وأولاده ؟ كمال وجوده أن يكون معه مال ، وكمال وجوده أن يتمتع بالأمن وأن يكون رأس أسرة ، واستمرار وجوده ، الأولى تتحقق بالاستقامة ، السلامة بالاستقامة ، آلة بالغة التعقيد لها صانع عظيم ، هذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، فمقتني هذه الآلة من حرصه اللامتناهي على سلامتها وعلى أدائها الأداء الأفضل يقرأ التعليمات قبل أن يستعملها ، وهذا شيء واقع في حياتنا ، أو إذا آلة غالية جداً أول عمل يترجم التعليمات لئلا يعطبها .
أنت أعقد آلة في الكون ، ولك خالق عظيم ، ولهذا الخالق العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، فينبغي أن تكون معرفة الله من أولويات الإنسان ، أول شيء ينبغي أن يفعله أن يعرف خالقه .
سؤال : إذا كان هناك تيار ثمانية آلاف فولت ، ومكتوب : تحت ممنوع الاقتراب خطر الموت ، يا ترى المواطن الواعي يريد أن يقترب من هذا التيار ، ولكن يخاف من المخالفة من قبل الدولة ، فينظر يمنة ويسرة ، نقول : هذا المواطن أحمق التيار يعاقبه لا الدولة ، فحينما يقترب أقل من ثمانية أمتار يصبح فحمة سوداء ، فالعلاقة بين الأمر والنهي الإلهي علاقة علمية ، للتوضيح : بيت له بابان ؛ الأب أعطى أمراً أن يستخدم أحد هذين البابين ، فجاء أحد أبنائه واستخدم الباب الآخر ، فتلقى ضرباً من أبيه ، هناك علاقة علمية بين الضرب وبين الخروج أو الدخول من باب أعدّ في الأصل للدخول أو الخروج ، لا يوجد علاقة ، نسمي هذه العلاقة وضعية ، الأب وضعها ، أما حينما يضع الابن يده على المدفأة المشتعلة فتحترق لا بعلاقة وضعية بل بعلاقة علمية ، وفي أية لحظة تفهم أن نتائج الطاعة مرتبطة بأسبابها بعلاقة علمية ، وأن نتائج المعصية مرتبطة بأسبابها بعلاقة علمية ، كنت فقيهاً ورب الكعبة .
أنت تمشي في الفلاة مكتوب لوحة : ممنوع التجاوز حقل ألغام ، ماذا تفعل ؟ ترجع، هل تعد هذه اللوحة قيداً لحريتك أم ضماناً لسلامتك ؟ في أية لحظة تفهم أوامر خالق الأكوان في القرآن الكريم وفي السنة أنها ضمان لسلامتك وليست حداً لحريتك ، فأنت فقيه ورب الكعبة .
مضي الزمن وحده يستهلك الإنسان :
لذلك أيها الطلاب الأعزاء ، أيتها الطالبات العزيزات ؛ إيماني ويقيني أن الحاجة إلى الدين ليست حاجة أن تضع مثل هذه الوردة على صدرك ، لا ، الحاجة إلى الدين كحاجتك إلى الهواء ، ينبغي أن تستنشقه وإلا هناك خطأ خطير ونتائج وخيمة .
لذلك أيها الأخوة ؛ أهل النار :
﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾
لذلك هذا المخلوق الإنساني ما هو ؟ تعريف جامع مانع للإنسان ، أنقل لكم تعريف الإمام الحسن البصري قال : " الإنسان بضعة أيام - أي زمن - كلما انقضى يوم انقضى بضع منه ".
تعريف جامع مانع للإنسان أنه زمن ، أي بضعة أيام ، مثلاً إذا شخص له عند الله ثلاث وثمانون سنة وتسعة أشهر وثلاثة أسابيع وأربع ساعات وثماني دقائق وسبع ثوان ، زمن ، فإن نظر إلى ساعته كلما تحرك عقرب الثوان حركة اقترب من النهاية .
التعريف الجامع المانع : الإنسان بضعة أيام ، أي زمن ، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه .
فأنت زمن ولأنك زمن أقسم الله لك بمطلق الزمن ، فقال تعالى :
﴿و العصر ﴾
العصر مطلق الزمن ، الواو واو القسم و جواب القسم :
﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
إله خالق الأكوان منزل القرآن يقسم لك ومن أنت ؟ ويأتي بجواب القسم :
﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
الشرح لماذا ؟ لأن مضي الزمن وحده بصرف النظر عن أهلية هذا الإنسان أو عدم أهليته ، مضي الزمن وحده يستهلك الإنسان ، هو زمن أو رأس ماله هو الزمن ، أو أثمن شيء يملكه هو الزمن ، وجواب القسم إن الإنسان لفي خسر ، أين رحمة الله ؟ في كلمة إلا ، عندنا استثناء ، وعندنا أربعة أشياء بعد إلا ، ما دمنا في أحد هذه الأشياء أو بها جميعاً نتلافى الخسارة :
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾
أي ابحثوا عن الحقيقة بحثاً دقيقاً .
أعظم عبادة على الإطلاق التفكر في الكون :
الله ما قال : فقل لا إله إلا الله ، قال تعالى :
﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾
لم يقبل منك الحق تقليداً ولو كان صحيحاً :
﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾
ما قال قل ، لا بد من بحث عن الحقيقة ، وهذه أراها والله من خلال الكتاب والسنة وهذا هو الشيء الأول في حياة الإنسان ، من أنت ؟ أنت المخلوق الأول عند الله ، لأنك في عالم الأزل حينما عرض الله الأمانة على السموات والأرض والجبال ، أبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ، فلما قبل الإنسان حمل الأمانة كان عند الله المخلوق الأول رتبة ، ولأنه المخلوق الأول سخر الله له ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه ، تسخير تعريف وتسخير تكريم ، هذا الكون يشف عن أسماء الله الحسنى ، يشف عن عظمة الله ، يشف عن ذات الإله موجوداً وواحداً وكاملاً ، هذا الكون هو الثابت الأول ، هذا الكون يقرؤه كل إنسان، الشمس آية ، القمر آية ، الليل آية ، النهار آية ، اختلاف الألسنة آية ، الإنسان آية ، الجبال آية ، هذا الكون يشف عن عظمة الله عز وجل ، لذلك أعظم عبادة على الإطلاق :
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
أخواننا الكرام ؛ بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب ، عدا الشمس ، أربع سنوات ضوئية ، لو أردنا أن نصل لأقرب نجم ملتهب الذي يبعد عنا أربع سنوات ضوئية بمركبة أرضية لاحتجنا إلى خمسين مليون عام ، خمسون مليون عام من أجل أن نصل لأقرب نجم ملتهب ، عدا الشمس ، متى نصل إلى نجم القطب الذي يبعد عنا أربعة آلاف سنة ضوئية ؟ متى نصل إلى مجرة المرأة المسلسلة التي تبعد عنا مليوني سنة ضوئية ؟ متى نصل إلى بعض المجرات المكتشفة حديثاً بعدها عنا ثلاثة عشر ألف مليون سنة ضوئية ؟ اقرأ القرآن :
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
معنى ذلك إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم .
أصل الدين معرفة الله عز وجل :
أخواننا الكرام ؛ ما لم نطبق أوامر الله ، كل أمر بالقرآن يقتضي الوجوب ، وقد يأتي الأمر أحياناً لا على شكل أمر ونهي ، على شكل إخباري :
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
هذه العبادة من دون استثناء أرقى عبادة عند الله ، لأن هذه العبادة تضعك وجهاً لوجه أمام عظمة الله ، ولأن هذه العبادة تعد أقصر طريق إلى الله ، وتعد أوسع باب ندخل منه على الله .
فلذلك أخواننا الكرام ؛ هناك أسئلة كبيرة جداً ، لا بد من اقتطاع وقت من وقتك الثمين لمعرفة كليات هذا الدين ، له جزئيات ؛ هذه متداولة بين الناس كالصلاة و الصوم والحج والزكاة وأحكام الوضوء وأحكام الطلاق والزواج إلى آخره ، أما أصل الدين فمعرفة الله ، إن عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر ، أما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر فتتفنن في معصيته ، هناك فتوى من الأزهر بجواز إيداع أموال في بنك ربوي وتقاضي الأرباح - الفوائد - على أنها مكافأة من البنك ، فتوى بأعلى مؤسسة دينية في العالم العربي ، هل تريد فتوى مؤمنة ؟ لا تقلق أبداً لكل معصية فتوى ، أما إذا أردت التقوى فهذه تحتاج إلى ورع :
(( ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط ))
سؤال الشيء بالشيء يذكر : لو استطاع واحد منا وكان معاصراً لرسول الله أن ينتزع من فم النبي صلى الله عليه وسلم فتوى لصالحه ولم يكن محقاً لا ينجو من عذاب الله ، الدليل :
(( .....وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ فَلَا يَأْخُذْهَا ))
أي علاقتك الأولى والأخيرة مع الله ، أنت كائن ، أنت المخلوق الأول ، والمخلوق المكرم :
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾
والمخلوق المكلف :
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
مكلف بعبادة الله ، والعبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .
الدعوة إلى الله أعظم عمل على الإطلاق :
لذلك الآن سأدخل بتؤدة في الموضوع الذي طلب مني أن أعالجه ، ما من عمل أعظم عند الله بلا استثناء من الدعوة إلى الله ، ولولا الدليل لقال من شاء ما شاء ، طالبوني بالدليل ، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
ليس عند الله إنسان أفضل ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال : إنني من المسلمين ، للتقريب :
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾
قال المفسرون : ألحقنا بهم أعمال ذريتهم .
﴿ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾
أي أربح تجارة على الإطلاق أن تتاجر مع الله ، بأن تكون داعية توضح للناس حقيقة الدين ، توضح للناس حقيقة النبوة ، منهج الله ، ثمار الدين الإيجابية ، ما دمت في الدعوة إلى الله فأنت بنص القرآن الكريم في أعلى مرتبة عند الله :
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر علة خيرية هذه الأمة :
لكن :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾
إذا إنسان قال : ربنا الله ولكن لم يستقم ، لا قيمة لهذا الاعتراف ، هذا اسمه الإسلام السلبي ، التعظيم السلبي هناك إله عظيم ، قرآن كريم ، كتاب معجز ، دين الأمة ، نحن خير أمة أخرجت للناس ، تقال هذه دائماً بل كتبت في الجامعة العربية :
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ﴾
كنتم أي أصبحتم :
﴿ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾
لكن علة الخيرية قال تعالى :
﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾
(( كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر ؟- الصحابة صعقوا -قالوا : أوكائن ذلك يا رسول الله ؟ قال : وأشد منه سيكون ، قالوا : وما أشد منه ؟ قال : كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف - صعقوا صعقة أشد- قالوا : أوكائن ذلك يا رسول الله ؟ قال : وأشد منه سيكون ، قالوا : وما أشد منه ؟ قال : كيف بكم - هذا أخطر شيء - إذا أصبح المعروف منكراً ، والمنكر معروفاً ؟ ))
هذا عصر تبدل القيم ، قيمة المرء متاعه ، بحجم بيته ، بمكان بيته ، بماركة سيارته ، بدخله ، هذه قيمة ، لأن المبادئ والقيم اختلفت ، نحن كنا في عصر المبادئ والقيم ، سيدنا عمر جاءه ملك الغساسنة جبلة بن الأيهم مسلماً ، في أثناء طوافه حول الكعبة داس بدويٌّ من فزارة طرف ردائه ، فانخلع رداؤه عن كتفه ، فالتفت إلى هذا الأعرابي من فزارة ، و ضربه ضربة هشمت أنفه ، شكاه لعمر ، انظر ملك أمامه إنسان بالتعبير المعاصر من عامة الناس ، من دهماء الناس ، من سوقة الناس ، لا شأن له ، شاعر معاصر صاغ الحوار شعراً .
فقال سيدنا عمر لجبلة بن الأيهم الملك الغساني : أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح ؟ قال جبلة : لست ممن ينكر شياً ، أنا أدبت الفتى ، أدركت حقي بيدي . فقال عمر : أرضِ الفتى ، لابد من إرضائه ، مازال ظفرك عالقاً بدمائه ، أو يهشمن الآن أنفك و تنال ما فعلته كفك ، صعق جبلة . قال : كيف ذلك يا أمير ؟ هو سوقة وأنا عرش وتاج ؟ كيف ترضى أن يخر النجم أرضاً ؟ قال عمر : نزوات الجاهلية ، ورياح العنجهية قد دفناها ، أقمنا فوقها صرحاً جديداً ، وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً . فقال جبلة : كان وهماً ما جرى خلدي أنني عندك أقوى و أعز ، أنا مرتد إذا أكرهتني . فقال عمر : عنق المرتد بالسيف تحز . عالم نبنيه كل صدع فيه يداوى ، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى .
هذا عصر القيم ، هذا العصر الذي رضي الله عن أصحابه :
﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ﴾
وعود الله قائمة و مفتوحة بأي مكان و زمان :
أخواننا الكرام ؛ هذا الإسلام دين عظيم ، وأريد أن أؤكد أن الوعود التي وعد الله بها المؤمنين قائمة إلى يوم القيامة ، فالبطولة أن نصطلح مع الله ، أي أنتم لا يغيب عن ذهنكم أن الجماعة - ليست دولة المقاومة في فلسطين - تصنع طائرة تحلق فوق تل أبيب ، تلقي قنبلة على أكبر مجمع في تل أبيب ، والله شيء عجيب جداً ، كن مع الله ولا تبالي ، وعود الله قائمة، مفتوحة ، غير مقفلة ، بأي مكان ، بأي زمان .
سؤال ثان : هناك إسلام جماعي ، وإسلام فردي ، إذا طبقت الأمة الإسلام ، الأمة اسمع الآية :
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
وما كان أخواننا اللغويون يعرفون أبعادها ، أنت ممكن أن تسأل هل أنت جائع ؟ تقول : لا ، تقول : لا لنفي الحدث ، لا سمح الله ولا قدر إنسان محترم جداً قيل له : هل أنت سارق ؟ يقول : لا ، ما كان لي أن أسرق ، هذا نفي الشأن ، العلماء عدوا عشرة أفعال تنفى بهذه العبارة :
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
أي مليون مستحيل أن تعذب ومنهج النبي صلى الله عليه وسلم قائم فينا ، هذا كلام دقيق ، هذا على مستوى الأمة أما الفرد :
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾
أنت حينما تؤمن وحينما تشكر لا يمكن أن تعذب ، ضمانة من الله عز وجل :
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾
هناك أب في الأرض يأتي ابنه بنهاية العام الدراسي والجلاء علامات تامة وهناك ثناء على أخلاقة ، يضربه ؟ هل هناك أب يفعل ذلك في الأرض ؟ بالعكس ، يقبله ، يثني عليه، يعطيه هدية ، يكرمه ، يحضر له دراجة :
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
الابتعاد عن منهج الله أبعد المسلمين عن الاستخلاف و التمكين :
أنا أتمنى أن نعتمد الحقيقة المرة لأنها أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، حينما لا نكون كما ينبغي المشكلة عندنا :
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
لذلك :
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
قانون :
﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾
نحن وأنا رأيي الشخصي - أنا أعتمد في حياتي على الحقيقة المرة لأنني أراها أفضل ألف مرة من الوهم المريح - بربكم هل نحن كأمة مستخلفون في الأرض؟
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ﴾
هل هذا الدين ممكن ؟ لا والله ، يواجه حرباً عالمية ثالثة ، كانت هذه الحرب سابقاً تحت الطاولة اليوم جهاراً ونهاراً فوق الطاولة :
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ﴾
ملمح دقيق أي دين وعد بتمكينه ؟ الذي ارتضاه لنا ، فإن لم نمكن معنى ذلك أن فهمنا للدين لم يرض الله عز وجل :
﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾
هل نحن آمنون ؟ لا والله ، دائماً اعتمد في حياتك الحقيقة المرة لأنها أفضل ألف مرة من الوهم المريح .
نجاح الدعوة يكون بإلغاء المسافة بين الأقوال والأفعال :
لذلك العودة إلى المنهج ، أنت تريد أن تكون داعية ممكن أن تكون أنجح طبيب والمريض لا ينتبه إلى سلوكك الشخصي ، أين سهرت البارحة ؟ لا دخل للمريض بذلك ، يريد علمك ، وقد تكون أنجح مهندس والذي يتعامل معك يهمه علمك فقط ، إلا الداعية لا يمكن أن يقنع الآخرين بالدين إلا إذا كان مطبقاً له ، العبد الفقير زرت الشيخ الشعراوي ثلاث مرات ، مرة سألته عن نصيحته للدعاة ، أنا توقعت أن يتكلم نصف ساعة ، فقال جملة واحدة قال لي : ليحذر الداعية أن يراه المدعو على خلاف ما يدعو . هذا إلغاء المسافة بين الأقوال والأفعال ، فكلما استطاع الداعية أن يكون بيته كما يقول ، تربية أولاده كما يقول ، خروج بناته كما يقول ، علاقاته كما يقول ، ارتقى ، فالذي يرفع الدعوة ليست المعلومات بل التطبيقات ، ما سرّ تفوق الأنبياء ؟ لأنهم فعلوا ما قالوا ، ما سرّ إخفاق بعض الدعوات ؟ لأن المدعو وجد مسافة كبيرة بين الأقوال والأفعال ، فالذي يوطن نفسه أن يكون داعية ، وأنا والله أبشركم ، ما من عمل أعظم عند الله على الإطلاق من الدعوة إلى الله :
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
حتى أنا أقول لأخواننا الدعاة : اشكر الله لأنه سمح لك أن تكون داعية ، فإن سمح الله لك أن تكون داعية وكأنه يرشحك لعمل عظيم .
القدوة قبل الدعوة :
أخواننا الكرام ؛ طلاب الشريعة ، طلاب العلم الديني ، هؤلاء مرشحون ليكونوا دعاة إلى الله ، فالمدعو بالإسلام يريد التطابق بين الأقوال والأفعال ، لذلك إذا سئل الداعية عن شيء عليه أن يحكي الصواب ، إذا كان يريد أن يدعو إلى الله لا يتكلم بشيء لا يفعله كي لا يضعف مركزه ، فالدعوة إلى الله أعظم عمل :
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
لذلك أقول : القدوة قبل الدعوة ، أب ما تكلم كلمة غير لائقة في البيت ، ولا فعل عملاً غير لائق ، ابنه لو لم يتلق من الأب ولا نصيحة استقامة الأب دعوة وحدها ، فأنت عندما تطبق أنت داعية ، لذلك الأمين أمانته دعوة إلى الله ، والورع ورعه دعوة إلى الله :
(( ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط ))
والمستقيم استقامته دعوة ، نحن عندما نطبق أحكام الدين تتوسع دوائر الحق ، قلت كلمة بأمريكا : والله الذي لا إله إلا هو لو أن المسلمين في بلاد المهجر في أمريكا وأوربا وأستراليا طبقوا أحكام الدين لكان موقف الغرب من الإسلام غير هذا الموقف ، لو طبق أفراد الجاليات الإسلامية دينهم ، أما الإعلام فنحن مسلمون والممارسات غير إسلامية ، المفارقة بين الأقوال والأفعال تنهي أكبر دعوة .
الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم :
أخواننا الكرام : الذي تقوله طبقه ، لا تدع المستمع يرى أن هناك مسافة بين أقوالك وأفعالك ، إذا فعلت هذا ارتقت دعوتك ورضي الله عنك ، ووضع لكلامك قوة تأثير ، أيدناهم ، التأييد الإلهي أن تأتي الدعوة مع التوجيه ، أنا أقول : الذي سمح الله له أن يكون داعية يجب ألا ينام الليل والله لأن الله عز وجل أمرنا أن ندعو إليه ، لكن هناك دعوة هي فرض عين على كل مسلم ، الدليل :
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾
الثالثة :
﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
التواصي بالحق فرض عين على كل مسلم ، أنت لماذا تصلي ؟ الجواب الطبيعي والبديهي والسريع لأن الصلاة فرض ، فإذا علمت أن الدعوة إلى الله فرض عين ، أخ كريم أخت كريمة سمعت هذه المحاضرة ، في البيت يوجد أخواتها البنات أو أبوها وأمها ، سمعنا اليوم محاضرة هذا ملخصها ، هذه دعوة فرض عين ، في حدود ما تعلم ومع من تعرف ، هذه فرض عين ، هناك دليل ثان :
﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾
معنى ذلك الذي لا يدعو إلى الله على بصيرة ليس متبعاً لرسول الله ، قال تعالى :
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾
فالدعوة إلى الله في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف فرض عين على كل مسلم ، أما التفرغ للدين والتعمق والتبحر والقدرة على الإجابة على أية سؤال فهذه فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الجميع ، هناك تفرغ ، وهناك تخصص ، و هناك تعمق ، وهناك تبحر ، و هناك أدلة ، هذه مهمة الدعاة إلى الله المتفرغين والذين أرادوا أن تكون حرفتهم دعوة إلى الله .
الحكمة أكبر عطاء إلهي :
أرجو الله لكم جميعاً التوفيق والنجاح ، وهذا الدين بالمناسبة توقيفي ، معنى توقيفي لا يضاف عليه ولا يحذف منه ، إنك إن أضفت عليه اتهمته بالنقص ، وإن حذفت منه اتهمته بالزيادة ، لا يحذف منه ، ولا يضاف عليه لأنه توقيفي ، أين الإبداع ؟ أين التجديد ؟ أن تنزع عن الدين كل ما علق به مما ليس منه ، هذه بطولة ، أن تنزع عن الدين الشطحات ، التجاوزات ، التشدد غير المعقول ، إنسان صلى ابنه ، بعدما انتهى هذا الابن من الصلاة وكانت قراءته جيدة قال له : حرماً ، ابنه جحظت عيناه قال له : هذه لم ترد في السنة ، فقال له: وهل ورد في السنة قلة الذوق ؟ من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف ، ومن نهى عن منكر فليكن نهيه بغير منكر ، الدعاة إلى الله بحاجة ماسة إلى الحكمة ، أنا أقول : والله الذي لا إله إلا هو ما من عطاء إلهي يفوق الحكمة ، والدليل :
﴿ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيراً ﴾
أنت بالحكمة تجعل العدو صديقاً ، ومن دون حكمة تجعل الصديق عدواً ، أنت بالحكمة تتدبر أمرك بمال محدود ، وبغير الحكمة تتلف المال الكثير ، والثالثة لا أقولها ، إذا كان هناك إجبار فسأحكيها ، وبالحكمة تسعد بأية زوجة ، ومن دون حكمة تشقى بأفضل زوجة.
الحكمة أكبر عطاء إلهي ، فأرجو الله عز وجل أن يلهمنا جميعاً الحكمة ، و أن يوفقنا لمعرفة هذا الدين العظيم ، والدعوة إليه ، فمرتبة الدعاة إلى الله لا تعلو عليها رتبة عند أهل الأرض .